الرئيسية / أعمدة الجسور / الخسارة والفوز  في كرة القدم ليس رهين بتغيير مدرب أو استقطاب لاعبين احترافيين

الخسارة والفوز  في كرة القدم ليس رهين بتغيير مدرب أو استقطاب لاعبين احترافيين

حفيظة لبياض/رأي.

رغم السعادة التي تخلقها كرة القدم بشكل عام والمغربية بشكل خاص، وإدخال البهجة والسرور في نفوس الشعوب، إلا أنها لم تعد وسيلة للتسلية والمتعة بمفهوم محدد، أو نشاطا رياضيا يهدف إلى تعزيز قدرات الشباب وإدماجهم واكتشاف المواهب وتطويرها وتمكينها من العطاء الذي ينعكس ايجابا على التنمية والازدهار.

وتعتبر الرياضة أهم آليات ترسيخ القيم النبيلة، كما تعد رافعة أساسية للمواطنة وحقوق الانسان، وتربية أجيال تساهم بطريقتها في التغيير، غير أن منهجية تسيير الشأن العام والضغوطات الداخلية والخارجية والعلاقات الدولية، جعلت مفهوم كرة القدم ينحرف عن معناه الحقيقي، فأصبحت هاته اللعبة التي من المفترض أن تكون مسلية، ظاهرة اجتماعية، اقتصادية وسياسية.

فمثلا ظلت كرة القدم مثيرة للتعصب والقلق والعنف، ويعربن على ذلك ما تشهد الملاعب بالبلاد من رشق بالحجارة من طرف بعض العباد، وخلق الفوضى في الشارع العام عقب مباراة بعض فرق الأندية الهواة، وكذلك بعد خسارة المنتخبات في كأس العالم والقارات، نتيجة عدم تقبل الخسارة والارتباك النفسي، أو بالأحرى عدم توافق سيكولوجية الجمهور وتأثره، وخيبته في فرحة مؤقتة لنسيان ضغوطات الحياة اليومية، والهروب من الواقع، الذي يخطط له ويدبر أموره من يتحكون في المستديرة أيضا، في إطار تعدد التخصصات والمهام.

إن تداخل المجالات وتقاطع مصالحها ليس عيبا، لكن حبذا أن يكون بشكل إيجابي ودون أن تؤثر السياسة على المجتمع عن طريق الرياضة خذمة للإقتصاد الذي يتحكم فيه ذوي الثروات الضخمة، في غياب تام للحياد واستقلالية المناصب، وتوحيد رؤى إستراتيجية.

إن القراءات السطحية وسأقولها بكل جرأة، التي تعزي عدم الأداء الجيد للمنتخب الوطني المغربي وتقيمه، فأحيانا تحمل المسؤولية للمدرب وأحيانا للاعبين، ومرة أخرى للظروف الجوية أو الصحية…فعذرا لكم، ومع كامل التقدير والإحترام لآرائكم، فربما الأمر يتعلق بتبادل المصالح وتحقيق المكاسب من خلال استغلال المناصب، ولا يتطلب كفاءة مكونات الفريق الوطني، فدور هذا الأخير في نتيجة المباريات يبقى دور صوري.

وتتعلق مسألة الفوز والخسارة في مباريات كرة القدم، بالديبلوماسية الرياضية، من أجل تحسين العلاقات بين البلدان، ونحن نتابع مباراة معينة لفريق المنتخب الوطني، يتضح لنا عدم رغبته في تسجيل الأهداف رغم الفرص المتاحة له والإمكانيات التي يتوفر عليها، بل وتحسره عقب عدم الفوز بتعابير توحي على أن شيئ خفي منعه من تحقيق الفوز، فالمدرب نفسه يضطر إلى صياغة تصريحات صحفية وخرجات إعلامية للترويج لمبررات واهية.

وبالنسبة للجماهير المشجعة أثناء مباراة ما، مثلا بين موريتانيا والجزائر، فلا يرتبط إعجابها وعشقها لفريق على حساب الآخر، بالمقومات الرياضية والمؤهلات الكروية، بل على الإضطرابات والمشاكل التي يواجهها بلده مع بلد الفريق الذي يعتبره خصما.

ويظل التحليل الرياضي عقب كل أداء باهت لدواعي وعوامل خفية، قائما عبر المنابر الإعلامية بمختلف أصنافها، من طرف ذوي الإختصاص، المهتمين، والنشطاء ثم الجماهير، بشكل يطبعه الغضب والسخط وانعدام الروح الرياضية، لأن الجوهر ليس لعبة رياضية كما ذكرت سلفا، بل خطة ممنهجة لتحقيق أهداف سياسية وأخرى اقتصادية، على حساب المصالح المجتمعية والبنية الثقافية.

هذا وتصرف الملايير على كرة القدم، وتخصص مبالغ مالية هائلة كرواتب للاعبين والمدربين، فكثيرا ما يتم تداول شراء لاعبين وحراس مرمى بارزين، مثل ما قامت به المملكة العربية السعودية، حين تعاقدت مع “رونالدو” و”ياسين بونو”، وآخرون…وكأنها تقول للعالم أنظر كم أنا قوية ومتقدمة..وكأنها تكاد تثبت ذاتها لتصبح محطة أنظار.

وخلال  تصدر المنتخب الوطني المغربي المركز الرابع في مونديال قطر 2022، توجهت أنظار العالم نحو المغرب، كما أعطى صورة مثالية بخصوص مميزاته وقيمه، وتكتلت شعوب البلدان العربية وغيرها لتشجيعه، غير أن خروجه من الربع نهائي جعله يحتج على الوضع وسط الميدان، مما ادى إلى اضطرابات بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة القدم..

أما غضب المغاربة من وليد الركراكي، وتحميله مسؤولية خسارة المنتخب الوطني المغربي، وعدم تأقه، والمطالبة برحيله، لا ولن يغير من الواقع الكروي شيئا، لأن المسألة لا تتعلق بحنكة مدرب، فالأمر تكرر مع خاليلوزيتش رشيد الطاوسي، وبادو الزاكي…وفي ذات الصدد نجد أن جل اللاعبين تتهافت عليهم أشهر النوادي ومحترفين في الدول العظمى رياضيا، الشيء الذي يكشف بغير الملموس الخفايا التي تعيق تأهل المنتخب وقيامه بقفزات نوعية على الأقل على المستوى الإفريقي، لأنه بالفعل كرة القدم ليست مجرد لعبة رياضية.

إن فوز المنتخب الوطني المغربي إفريقيا أو عالميا، رهين بالخطط الرياضية الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ومراعاة المصالح الداخلية والخارجية، وليس بتغيير مدرب الفريق والمطالبة برحيله.

 

عن إدارة الموقع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *