الرئيسية / اقتصاد / الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بجهة الشرق: نموذج ريادي يجمع بين التقليد والابتكار

الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بجهة الشرق: نموذج ريادي يجمع بين التقليد والابتكار

محمد العشوري.

تُعد جهة الشرق من الجهات الرائدة في المغرب في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، حيث تجمع بين الحفاظ على التراث المحلي وتعزيز الابتكار لدفع عجلة التنمية المحلية. بفضل شبكة قوية من التعاونيات والمبادرات الجريئة، وخاصة في ما يتعلق بإدماج المرأة، نجحت الجهة في تحويل مواردها الطبيعية والمحلية إلى أدوات فعالة لدعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

المغرب، منذ الثمانينيات، ظل ملتزمًا بتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بدءًا من برامج الإصلاح الهيكلي وصولًا إلى النموذج التنموي الجديد. جهة الشرق، في انسجام مع هذه التوجهات الوطنية، اتبعت نهجًا تدريجيًا لإدماج هذا القطاع في استراتيجياتها التنموية، مما جعلها نموذجًا يحتذى به على الصعيد الوطني في هذا المجال.

يتبلور دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تعزيز التنمية المستدامة من خلال التعاونيات والجمعيات التي تسعى إلى تحقيق الربح إلى جانب خلق أثر مجتمعي ملموس. المملكة المغربية، عبر وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تضع هذا القطاع في قلب استراتيجياتها من أجل تحسين مستوى عيش الفئات الهشة، وتوفير فرص العمل.

جهة الشرق تمكنت من تحقيق قفزة نوعية في هذا المجال، حيث تتصدر قائمة جهات المغرب من حيث عدد التعاونيات، إذ بلغ عددها 5517 تعاونية في عام 2022، مع مشاركة فعالة للمرأة في هذا المجال، حيث تضم الجهة أكثر من 620 تعاونية نسائية تشمل حوالي 62,821 امرأة. نجاح هذه التعاونيات يعزى إلى استغلال الموارد المحلية مثل التمور في فكيك، الحوامض في بركان، والزيوت في جرادة، والكمأة في بوعرفة.

في عام 2019، أطلق مجلس جهة الشرق مشروع إنشاء منصة لوجستية بوجدة لدعم المنتجات المحلية، بميزانية بلغت 195 مليون درهم. وتعد هذه المنصة جزءًا من الجهود المتواصلة لتنمية الجهة، والتي تشمل أيضًا تنظيم فعاليات ومعارض سنوية مثل المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

على المستوى الدولي، شهدت الجهة تعزيز تعاونها مع فاعلين دوليين، مثل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية (AECID). من بين المبادرات الدولية التي شملت الجهة، برنامج “مؤازرة” الذي يدعم تنمية السياحة القروية. إضافة إلى ذلك، أطلق برنامج “تحفيز نسوة” في 2024 لتشجيع ريادة الأعمال النسائية والشبابية في الجهة.

المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية في الجهة شهدت تحسنًا كبيرًا بفضل هذه الجهود، حيث تراجعت نسبة الفقر النقدي من 5.3% في 2014 إلى 4.2% في 2022، وتراجع الفقر متعدد الأبعاد إلى 5.9%. كما شهدت الجهة خلق 137,012 فرصة عمل جديدة في عام 2022، ما يعكس التأثير الإيجابي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني على التنمية الشاملة للجهة.

ختامًا، يتضح أن جهة الشرق نجحت في تحويل مواردها وإمكاناتها إلى محرك قوي للتنمية، مستفيدة من مقومات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لدفع عجلة التقدم وتعزيز العدالة الاجتماعية.

عن إدارة الموقع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *