محمد العشوري.
أثارت واقعة ايقاف عملية جراحية حساسة بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بوجدة يوم 12 مارس 2025، جدلاً واسعًا، بعدما كشفت تنسيقية المركز المغربي لحقوق الإنسان بالجهة الشرقية عن تفاصيل الحادثة التي وُصفت بالخطيرة. ووفقًا للمعطيات المتوفرة، فقد تم إيقاف العملية الجراحية لمريضة تعاني من ورم دماغي بعد وضعها تحت التخدير الكامل وربطها بجهاز التنفس الاصطناعي، دون مبرر طبي مشروع، ليتم نقلها بعد ذلك إلى قسم الإنعاش، رغم غياب مبررات طبية كافية لهذا القرار.
المركز المغربي لحقوق الإنسان اعتبر هذا الإجراء انتهاكًا صارخًا للحق في الحياة والصحة، في مخالفة صريحة للدستور المغربي، ولا سيما الفصل 20 الذي يكفل الحق في الحياة، إضافة إلى القوانين المؤطرة لمهنة الطب والمنظومة الصحية، التي تشدد على ضرورة احترام حقوق المرضى وضمان استقلالية القرار الطبي عن أي تدخلات غير مهنية. كما أشار المركز إلى أن هذه الواقعة تتعارض مع المواثيق الدولية، من بينها المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على حق الأفراد في الرعاية الطبية، والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تضمن لكل شخص أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.
وفي سياق متصل، اعتبر المركز أن تدخل إدارة المستشفى، في حال ثبوت إصدارها أمرًا بوقف العملية دون مبرر طبي واضح، يشكل استغلالًا غير مشروع للسلطة وتدخلًا إداريًا سافرًا يتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على العلاج. وبناءً على ذلك، حمّل المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان إدارة المستشفى المسؤولية الكاملة عن هذا التجاوز، محذرًا من تداعياته المحتملة على صحة المريضة.
كما أعلن المركز تضامنه مع الطاقم الطبي الذي عبّر عن استنكاره لهذا القرار، مشددًا على ضرورة حماية الأطباء والممرضين من أي ضغوط إدارية غير قانونية تعيق أداء مهامهم المهنية والإنسانية. وفي هذا الإطار، طالب المركز بفتح تحقيق مستقل ومحايد تحت إشراف الجهات الصحية والرقابية المختصة، للكشف عن ملابسات الحادث وترتيب المسؤوليات واتخاذ الإجراءات التأديبية والقانونية اللازمة في حق المتورطين.
ودعا المركز وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى التدخل العاجل لضمان احترام أخلاقيات المهنة الطبية، ومنع أي تدخل إداري غير مشروع في القرارات الطبية، مؤكدًا أن هذه الواقعة ليست سوى انعكاس لاختلالات أعمق تعاني منها المنظومة الصحية في المغرب. وشدد على الحاجة إلى إصلاح إداري شامل يضمن استقلالية القرار الطبي عن أي اعتبارات غير مهنية، مع تعزيز آليات الرقابة والمساءلة لحماية حقوق المرضى وضمان احترام أخلاقيات المهنة.
وفي ختام بيانه، دعا المركز إلى تشكيل لجنة مستقلة تضم خبراء في الطب والقانون الصحي، تكون مهمتها تقييم هذه الانتهاكات واقتراح حلول عملية تحول دون تكرارها، مشددًا على أهمية إرساء إطار قانوني صارم يمنع التدخلات الإدارية غير المبررة في القرارات الطبية، ويجرّم أي تجاوز من شأنه تهديد صحة المواطنين.

الجسور جرأة، مصداقية، مواطنة
