عبد الله مشنون/ كاتب صحفي مقيم في ايطاليا
شهدت قمة الدوحة العربية الإسلامية تطورات مهمة تستدعي وقفة جادة أمام التصعيد الإسرائيلي الأخير، الذي لم يقتصر على قطاع غزة أو الأراضي الفلسطينية فقط، بل تجاوز ذلك ليشمل الاعتداء على دولة قطر ذات الدور الوسيط والحضاري في المنطقة.
لقد أدان البيان الختامي لهذه القمة العدوان الإسرائيلي الغادر على قطر، مؤكداً أنه يشكل تهديداً مباشراً لجهود السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. هذا العدوان يضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي حول قدرة المجتمع الدولي على احترام سيادة الدول ومبادئ القانون الدولي.
من المهم الإشارة إلى أن هذا الاعتداء يمثل تصعيداً غير مسبوق يستهدف تقويض الوساطات الدبلوماسية التي قادتها قطر، مصر، والولايات المتحدة لوقف العدوان على غزة. وتكرار التهديدات الإسرائيلية ضد قطر يعكس حالة من العنف والتطرف السياسي التي تعصف بالمنطقة، وتشكل تحدياً حقيقياً لجميع الدول العربية والإسلامية.
في هذا السياق، دعت القمة إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، ومباشرة الإجراءات القانونية اللازمة لمساءلة تل أبيب على جرائمها. وأكدت على ضرورة اتخاذ مواقف مشتركة وحاسمة تعبر عن وحدة الصف العربي والإسلامي، بما في ذلك تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
لا يخفى على الجميع أن الوضع الإنساني في غزة كارثي، مع استمرار الحصار والحرب التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم من المدنيين الأبرياء، إضافة إلى التهديد المستمر بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما ينذر بانهيار أي فرصة لحل الدولتين.
في ظل هذه التحديات، يؤكد البيان الختامي للقمة على أهمية الأمن الجماعي والتضامن العربي الإسلامي، داعياً إلى تنسيق الجهود الدولية لمنع استمرار الاعتداءات وضمان محاسبة مرتكبيها، ووقف الدعم العسكري والسياسي الذي تتلقاه إسرائيل.
بوصفي صحفيًا مقيمًا في إيطاليا، أتابع هذه التطورات عن كثب، وأرى أن التصعيد الإسرائيلي الأخير يفرض على المجتمع الدولي وقوفاً حازماً ودعمًا حقيقياً للقضايا العادلة في المنطقة. الوقت لم يعد يسمح بالمواقف الشكلية أو البيانات الرنانة، بل يستدعي العمل الجاد لتوحيد الموقف العربي والإسلامي والدولي من أجل تحقيق السلام والعدالة.
إن قمة الدوحة ليست مجرد اجتماع اعتيادي، بل فرصة نادرة لصياغة ردود فعل مؤثرة وفاعلة، قادرة على حماية سيادة الدول، وإعادة الحقوق لشعوبها، خصوصًا الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أقسى الظروف.
ختاماً، لا بد من الإشارة إلى أن تحقيق السلام الدائم لا يمكن أن يتم عبر الاعتداءات والتوسع، بل عبر الحوار، العدالة، واحترام القوانين الدولية، وهذا هو التحدي الذي يجب أن تواجهه القمة وكل القوى الفاعلة في المنطقة والعالم.
الجسور جرأة، مصداقية، مواطنة