الرئيسية / أعمدة الجسور / بين غلاء الأسعار ووعود الحكومة: هل يُترك المواطن لمبادرات الخير؟

بين غلاء الأسعار ووعود الحكومة: هل يُترك المواطن لمبادرات الخير؟

حفيظة لبياض.

هل سيعول المغاربة على مول السردين المتبرع، والخضار المتطوع، والجزار المبادر؟ لاقتناء المواد الغدائية الضرورية ذات الأثمنة الحارقة بالأسواق، في ظل حكومة صماء لا تسمع نبض الشارع، وبكماء لا ترد على شكايات المواطنين، وعمياء لا ترى قلة حيلة المقهورين.

وأنا أستمع لنصائح تهم التغدية الصحية خلال شهر رمضان المبارك عبر برنامج تلفزيوني، أكدت مختصة في ذات المجال، على ضرورة تناول 300 غرام من السردين نظرا لأنه غني بالمعادن خاصة الحديد وأيضا غني بأحماض أوميجا 3 وذكرت فوائد عديدة، فقالت أن بإمكان أي شخص شراء هذه الكمية التي تقدر بثلاثة حبات من السردين، وفي حالة عدم التوفر على النقود فيمكنك أخدها مجانا من التجار الكرماء.

بمعنى العجز عن الشراء يقابله ممارسة التسول، ورغم حسن نية المتحدثة كما أنها لا تتحدث من زاوية سياسية أو مقاربة اقتصادية، إلا أن الأمر يكشف بالملموس ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في ظل الغلاء، وإغفال الحكومة ضرورة ضمان العيش الكريم لمختلف الفئات الاجتماعية، مما يجعلهم عرضة للأمراض المزمنة، نتيجة سياسة التجويع والتفقير.

لا أكتب من أجل رصد مدى ارتفاع الأسعار، لأن الواقع والمواقع تتحدث جهرا عن ذلك بحثا عن الحلول، فما دام أن الله تعالى أنعم علينا برحمته وتساقطت ثلوج وأمطار غزيرة، كما أن الشاب عبد الإله ابن مراكش كشف للمغاربة خبايا وأسرار التلاعب بأسعار الحوت، إضافة إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أصدر قراره السامي بخصوص إلغاء أضحية العيد، فهي بوادر إيجابية كي تتخد الحكومة قرارات حازمة لتقنين الأسواق ومراقبة الأسعار بكل واقعية، أما تكليف لجان تزور محلات الباعة وتحرر تقارير لا تغني ولا تسمن من جوع، حيث يظل الوضع المتردي مستمرا، في ظل عدم توحيد أٍثمنة المواد الغدائية.

من العيب ألا يتمكن المواطن من توفير مأكله ومشربه،  بأسعار تتوافق مع جيبه، بعد صرف الملايير في تنزيل مخطط المغرب الأخضر الذي أعطيت انطلاقته سنه 2008، والجيل الأخضر سنة 2020، حيث كان عزيز أخنوش وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات آنداك، والذي أصبح ينتقد الأوضاع الاقتصادية المزرية حاليا ويعتبرها من مخلفات الحكومات السالفة.

ورغم نجاعة التواصل الفعال للحزب الأول بالمغرب سنة 2021 وفي عز وباء كورونا، حيث جال المدن، القرى والمداشر وصعد الجبال لإقناع الناخبين، ببرنامج انتخابي هو الغني من نوعه من ناحية الوعود التي استهدفت شتى الفئات، حيث توعد ذات الحزب بتوفير فرص الشغل وضمان العيش الكريم، إلا أن الحكومة ظلت تربط جميع المشاكل السوسيواقتصادية بالجفاف، دون اتخاد تدابير استراتيجية، فهل ستعلن الحكومة عن فرص شغل للتقليص من العطالة جراء ارتفاع منسوب المياه بالسدود المائية.
حكومة تفتقد لآليات التواصل ولم تنجح في حل أزمات يعيشها المغاربة، وليس لديها رؤى حقيقية لمعالجة الأوضاع الصعبة، غير أن مكونات أغلبية ذات الحكومة تلعب دور الدفاع عن حقوق المواطن في شكل من البهتان.
فحزب أخنوش، خرج في نشاط سياسي رمضاني ينتقد غلاء الأسعار، كما أثار نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والنقل والماء إشكالية الغلاء، مشيرا إلى تدهور القدرة الشرائية، حيث حمل المسؤولية للتجار المضاربين، متجاهلا دوره في الحكومة التي تدير الشأن العام، كما صار حزب الأصالة والمعاصرة صاحب شعار الجرار الذي يحصد الأصوات دون القيام بالحرث اللازم، من خلال القيام بأدواره الحقيقية، فبعد ضرب خطاباته الشعبوية التي ادعت في وقت سابق حل مشاكل المواطنين والاهتمام بالقضايا المجتمعية، أصبح يتبجج بالكراسي التي حصل عليها، وبعد ذلك يعود من جديد في منافسة شرسة في إطار الترويج للأكاذيب السياسية، ليندد بالإعفاءات الجمركية على استيراد اللحوم ويطالب الحكومة التي ينتمي إليها بإلغاءها، في قالب كوميدي يستهزئ بذكاء المغاربة.
مما يعكس، تملص أحزاب الإئتلاف من المسؤولية، وتقمص دور الدفاع عن الشعب ضد سياستهم، عن طريق ازدواجية الخطاب السياسي، والمزايدات عن المواطنين، عازمين السير على خطى العبث والتناقض الذي يخدم مصالحم.
وتظل الحكومة في موقع المتفرج جراء الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية، وتراهن على تجويعهم، غافلة احتمال وقوع احتقان اجتماعي والخروج إلى الشارع.

عن إدارة الموقع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *