محمد العشوري.
أكدت الهيئات النقابية والمهنية لقطاع الصحافة والنشر استغرابها الشديد لتصريحات وزير الشباب والثقافة والتواصل، والتي أعلن فيها أن 80 بالمائة من ملاحظات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد تم الأخذ بها في التعديلات المرتبطة بمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.
وأوضحت الهيئات، التي تضم النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني، ومعها الفرق والمجموعات والأعضاء غير المنتسبين بمجلس المستشارين، وعدد واسع من العاملين في القطاع وفعاليات نقابية وحقوقية وسياسية، أن هذه التصريحات، التي نقلتها وسائل إعلام إلكترونية وورقية، تتضمن “مغالطات وافتراء ومسخا للحقيقة” وتمس في جوهرها ثلاث مؤسسات دستورية.
وسجلت الهيئات أن هذا الأمر يشكل “فضيحة سياسية وأخلاقية” تضاف إلى الفيديو المنسوب لاجتماع لجنة التأديب وأخلاقيات المهنة باللجنة المؤقتة لتدبير شؤون القطاع، معتبرة أن هذا الوضع يضع الحكومة أمام مساءلة عمومية حول خطورة ما وصفته بـ“الادعاء الباطل” بشأن المشروع.
وأكد البلاغ أن الهيئات تسجل باستغراب كبير ما ورد في عرض الوزير أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين يوم 1 دجنبر 2025، متسائلة عن كيفية الأخذ بملاحظات المؤسستين الدستوريتين، في الوقت الذي أحيل فيه المشروع عليهما بتاريخ 16 يوليوز 2025، وقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرته يوم 16 شتنبر 2025، وصادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على رأيه يوم 25 شتنبر 2025، بينما لم تنعقد المناقشة التفصيلية للمشروع إلا بتاريخ 1 دجنبر 2025.
وطالبت الهيئات، في هذا السياق، وزير الاتصال بالكشف الفوري للرأي العام عن الـ80 بالمائة من المقترحات الواردة في مذكرتي المجلسين والتي تم اعتمادها في النص التشريعي المحال على مجلس المستشارين دون أن يطلع عليها مجلس النواب، معتبرة أن عددا من الملاحظات الشكلية والجوهرية كانت كافية لإسقاط المشروع وإعادته إلى طاولة الحوار والتفاوض.
كما حملت الحكومة مسؤولية “ما آلت إليه البلاد من انتهاك للقوانين المنظمة لقطاع الصحافة والنشر والتطاول على الدستور وتحقيق المواثيق الدولية ذات الصلة”، داعية إلى وقف ما وصفته بـ“مخطط الهيمنة والتحكم في مؤسسة التنظيم الذاتي”.
وجددت الهيئات رفضها المطلق لمشروع القانون، مؤكدة تشبثها بفلسفة وجوهر التنظيم الذاتي القائم على الاستقلالية والديمقراطية والانتخاب باللائحة والتمثيل النسبي، وتعزيز حضور الجمهور في تركيبة المجلس الوطني للصحافة، مع الدعوة إلى مراجعة جوهرية للمشروع للأخذ بتوصيات المؤسستين الدستوريتين.
وأدانت الهيئات بأقصى العبارات ما جاء في التسجيل السمعي البصري المنسوب لأعضاء لجنة التأديب والأخلاقيات باللجنة المؤقتة المنتهية ولايتها، معتبرة ما ورد فيه إساءة وتحقيرا وإهانة وتآمرا وكلمات حاطة بالكرامة الإنسانية والمهنية في حق الصحافي حميد المهداوي، مطالبة بترتيب الآثار القانونية.
وثمنت مواقف المعارضة البرلمانية النقابية والسياسية بمجلس المستشارين، الرافضة للمشروع في صيغته المعروضة، ودعوتها إلى فتح حوار اجتماعي مع الهيئات المهنية لإخراج قانون متوافق عليه يضمن الاستقلالية والديمقراطية المهنية ويحترم مبادئ حرية الرأي والتعبير.
ودعت الهيئات، في ختام بيانها، الجسم الإعلامي والصحافي إلى المزيد من التعبئة والاستعداد النضالي لمواجهة ما وصفته بـ“لوبي الاحتكار والريع والتحكم”، محذرة من السعي إلى تمرير مشروع قانون “على مقاس سياسي ومصلحي ضيق لفئة من الناشرين”.
الجسور جرأة، مصداقية، مواطنة